بين دفتي هذا الكتاب تجربتي الخاصة مع مُديريَّ في الوظيفة التي أعتزُّ بإيجابياتها وسلبياتها. لقد كانتْ هذه التجربة بمثابة محطات للتعلُّم والتدريب استفدتُ فيها من خبرة وعطاء أولئك المديرين العظماء الذين كانوا بحقٍّ بالنسبة لي مدارس في الإدارة والأخلاق.
لقد علَّمَتْني تجربتي مع مُديريَّ في الوظيفة الكثير من الدروس التي لا أزال أعمل بمضمونها وأنا اليوم خارج نطاق الوظيفة. من بين أهم الدروس التي تعلمتها من خلال تجربتي في الوظيفة -والتي لا أزال أعمل بمضمونها إلى اليوم- أنَّني لا آسف على شيء لم أحقِّقه في وظيفتي فيما سبق؛ لأنَّ حسبي في ذلك أنَّني بذلتُ ما يُمكِنُني بذله من جُهد وإنْ لم يتحقق ما أريد. بالطبع لم أعفِ نفسي يومًا من المسؤولية عن الإخفاقات التي حدثت لي في مسيرتي الوظيفية بشكل عام ومع مُديريَّ بشكل خاص، ولكنني لم أحمل نفسي المسؤولية الكاملة عن أي إخفاق حدث، كما أنَّني لا أدَّعي لنفسي أنَّ ما حققته من إنجازات كان بجهدي وحدي.
كتابة التجربة الشخصية في أي مجال من مجالات الحياة – مثل الوظيفة- هي في حد ذاتها تجربة جميلة بالنسبة لكاتبها لأنَّها تمثِّل نوعًا من المراجعة الذاتية لسيرة الشخص الكاتب، كما أنَّها تمثِّل في نفس الوقت نوعًا من التطهير الانفعالي بالنسبة لما يختزنه في ذاكرته من مشاعر تجاه نفسه وتجاه الآخرين.
لقد تعلمتُ من خلال كتابة هذه التجربة مع مُديريَّ في الوظيفة أنَّ كتابة التجارب الشخصية ليست بحاجة إلى شخصيات من نمط فلاسفة الفكر ولا أساتذة البلاغة إذْ كل ما هو مطلوبٌ في اعتقادي العزم على كتابة التجربة والأمانة في كتابتها دون تجريح للذات أو للآخرين. إنَّ كتابة التجارب الشخصية هي إضافة حضارية إنسانية لمجتمعنا وللعالم بأكمله.. فلنحاول كتابة تجاربنا في الحياة.